عونا لها !


لَم تَكن جَميلة بالمَفهوم الذي تُريده الأمهات، لكن عُيونها العَسلية السّاحرة ذات الإتساع الكبير .. تركت في قلبي عُمقا لم تتركه عيون دونها .. كانت حنطية البَشرة ذات شَعر يَستمدُّ رونقه من أشعة الشّمس .. وَ يكفي أنّ قلبي كُلما رأها اتسعَ ضعفا ..
حين قالت لي أمّي : "اسمع أنا عاجبتني بنت أبو صالح ، طول وجمال وعيون خضر وبيضة ، حلوة يما والله حلوة .. اسم الله ع طولها "
نظرت لها بُحب ثم اقتربت منها، قُلت لها، يا أمي من الذي سيتزوج أنت أم أنا ؟!
قالت ضاحكة : "عزا ع اليهود أنت أكيد أنت ،.. بس بالله عليك ما هي حلوة ؟!"
قُلت : نعم جميلة بعيونك، لكني لا أراها كَذلك، فأنا لا أحب جمالها، كُلما التقيت فيها شَعرت بَسماجة لا تُطاق وَ بغلسة في الحَديث لا تُستصاغ ، ولا أدري لما لا أراها جميلة كما ترونها ؟!"
قالت: " أنا بقولك ليش ؟! أقولك ؟! ولا بلاااش ؟!"
قلت : قولي يا أمّاه قولي ..
قالت : " بس ما تزعل مني ؟!"
قلت : وهل من أحد "يزعل " من جنته ؟!
قالت : دايما بتحرجني .. ماشي ماشي راح أقولك .. " مهو يا بني اللي بحب حد ، ما راح يَشوف غيره ، يعني أنت بتحب .. أنا لو جبتلك أنجلينا ما دري شو ما راح تشوفها حلوة ..
ضحتك حتى بانت نواجذي، ثم قلت لها : وما أدراك بأنجلينا ؟!
قالت : امبارح ابن أخوك كان يفرجيني بصوها ع التلفون .. قال بقولي شوفي يا ستي ما أحلاها هاي ما بتشبه بنت أبو صالح ؟! قلت له لا بنت أبو صالح أحلى ..
قلت : إذن يمكنك أن تزوجي أخي الأصغر" لبنت أبو صالح ".
قالت : إذا أنت مش قادرة أمون عليك ، بدي أمون ع هداك المجنون ؟! أنتو أحرار هو أنا اللي بدي أتجوز ولا أنتو ..
حين انتهت مراسم الزواج، و عزمت على السّفر عائدا لتلك البلاد التي جئت منها، اقتربت مني وهمست : بتعرف يما .. يمكن أنا ما كنت بعرفها، كنت شايفتها مش حلوة بس لما تعاملت معها حسيت قديش هي قريبة علي ، ولا تنسَ أن تكون عونا لها لتكون هي عونا لك !
ثم وقفت بيننا وقالت : ديروا بالكم ع بعض ببلاد الغربة، ترا هناك الواحد بدو حد يعينه مش يعين عليه !
وحين حل رحالنا وترحالنا في تلك البلاد، كانت خير مُعين لي،وكنت خيرا معين لها ، فلم نَستطعْ أنْ نحمل من أمّي أثرا غير هذه العبارة ، كُن عونا لها كي تكون عونا لك !
وما هاتفت أمي مرة حتى سألتني عنها أولا، قبل أنْ تسأل عن أحوالي…
فالحُب رزق يأتي إليك، كَنَسمة جَميلة تُسلي عنك في ليلة شَديدة الحر، أو زهرة تنشر عَبق شذاها حولك .. لِتنعش روحك .. الحُب عونك على الحَياة !
#الحب_عونك على الحياة
#كُن_لها عونا_تكن لك كذلك !
#الجمال_قلب وليس شكلا فقط
#……

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رَسائل مُخملية

كانت تَجول المَساء في ذاكرتي .. تروح وتجيء ..تَنسخ خيوطا من الحرف .. وَ تنعم بِدفء الكلمات .. تَرقب وَحي قلبي ..كي يفيض عليها من نَعماء رَبه .. شَوقا وَ حُبا .. أمسكت طَرف الوقت وأخذت تَحبو نَحو قلبي .. وَقفت على بوابة الحلم .. كي تَمدّ كفها نحو قلبي وَ تضمه .. ترتشف بعضا من شوقه .. لكنّ الصّحو ..كان أسرع .. فغاب طَيفها كما غاب الجسدُ من ذي قبل !!
قراءة المزيد

مذكرات جنين في غرفة الفحص

بينما كُنت مُتكورا، في بُقعة صغيرة جدا في هذا العالم،كُنت أرقب طبيب النّسائية،حيث كان يجول عيادته ذهابا وإيابا، كان يحمل أدوات ومَعدّات لا أدرك كنهها، ولا أعرف ما هي، ولا حتى لما تُستعمل، كُل ما أعرفه في ذاك الوَقت أنّها أشياء غريبة، جاء بواحدة منها، أخذت تقترب مني، أضاءت ما حَولي، تحوّل الليل الذي أعيشه لنور، بدت أشياء حولي واضحة، هُنا سائل كثيف، وهُناك حَبل ممدود يَصلني بذاك الجَسد الذي أسكن فيه،مددت كفي أخذت أتحسس ذاك السائل الذي أعيش فيه منذ زمن، كان لزجا كثيفا، يُحيطني من كل الجوانب .. حرّكت كفي كي أمسك ذاك الحَبل الممتد، وإذ بي "أتشقلب" رأسا على عقب . حاولت تفحص ما حدث، ولكن الليل عاد،وأظلم كل شيء حولي، حاولت النّظر خلف ذاك الجدار الذي يحجبني عن الحياة، وإذا بجدار أبيض، لم أعد أرى طبيب النسائية، أنصتُ قليلا وإذ به يقول : التفي نحو اليمين، استديري ..عرفت ساعتها أنّ أمي قد استدارت شمالا وهاهي تدور يمينا، ولذا استدرت معها، فصار وجهي نحو الظهر، وأخذت وضعية الرأس للأسفل، والقدمين للأعلى، وصار ظهري مواجها للطبيب .. قالت أمّي : أمّا عرفت جنس المولود .. ردّ ا...
قراءة المزيد

هل غير وعد ترامب شيئا على الأرض ؟!

أراها تَبكي، تنتحب، تذوب من كَمد، غير أنّها صامدة لا تلين، عظيمة لا تنحني، تقف شامخة لا تُهادن! هي مدينة الله، بوابة السّماء، فُسحة الأمل، العقيدة الثّابتة في كتابنا، الصوت الذي لن ينهزم، هي القدس أراها في سجودها، في محراب ربها، تبثه الألم، تشتكي إليه هجران أهلها، تخاذل قومها، انشغال أمتها عنها. تساؤلات في خلدها تدور، أصحيح أنّها قبلة المسلمين الأولى التي تُشكل حاضرة في أذهان الكثيرين؟! أصحيح أنّهم يعرفون ذلك؟! أصحيح أنّ لها أمّة تعدادها مليار أو يزيد؟! أصحيح أنّ أهلها عجزوا عن صدّ العدوان عنها؟! ألف ألف سؤال يدور في رحى ذاكرتها غير أنّها عاجزة عن استقبال الإجابة، هي تبحث لكنها لم تجدْ، لم تجدْ فوارسها، لم تَجد محررًا جديدًا بعد عمر، بعد صلاح. لم تَجد من يمد يده ليأخذ بيدها، هي وبضعة من ساكنيها، وَحدهم في مواجهة جبروت العالم. اليوم بدا التّاريخ ثقيلًا على صدرها، ثقيلًا على محبيها، وظل مُترنحًا وَقتًا حول أسوارها، وَظلت هي صامتة، لم تنبس شفتاها بكلمة، ظلت ترقب والدّمع بعينها، ظلت تنتظر سماع بيعها لبني صهيون، كيف تقاذفها الأغراب؟! كيف صمت الأعراب؟! كيف أضحت بضاعة مُزجاة؟! كيف بيعت...
قراءة المزيد