المشاركات

عرض المشاركات من 2020

في ذكرى رابعة

هل يمكننا القول: «إنّ الإخوان يحملون جزءًا من الإثم؟!». رُبما في قراءة المَشهد المصري، لا نرى غير الدولة البوليسية المَقيتة، تلك التي تُطارد الحُريات وتقمعها، وفي مشهد موازٍ لها، كُل معارِض مسحوق! إذن مشهدان يبدوان لكل ناظر، بيد أنّ هُناك خطوطًا صغيرة جدًا خلف ما حدث، ظهرت هذه الخطوط منذ اللحظة الأولى التي قامت فيها ثورة الرّبيع العربي، مرورًا بنزول ملايين المصريين إلى الشّارع، وصولًا لاعتلاء مرسي رئاسة الجمهورية، عندها وكما يُقال «آن لأبي حنيفة أنْ يمد قدميه» ارتاح الشّارع العربي المُتابع للساحة المصرية الراغب في انتصار الحُريات، رُبما كان كُثر ليسوا مع الإخوان، لكن التجربة بحد ذاتها كانت كفيلة لأنْ يصفق لها الأغلب. غير أنّ هذه الحالة لم تَدُم، وانقلب العكسر على الحريات، وبدت خيوط دفن الثورة تظهر على السطح، عندها أدرك الجميع أنّ مُبارك وغيره ما هم إلا وجوه، تتبدل وتتغير، لكنهم استطاعوا بناء دولة عسكر، دولة تحمي منتجاتها في وجه الحريات، ولأنّ العسكر يخشى الحريات، انقلب على الرئيس المنتخب. إلى هُنا، سيقول قائل وما ذنب الإخوان؟! رُبما الذنب يأتي لاحقًا، أو رُبما لا ذ...

صكوك الغفران

لا شيء يبدع به المواطن العربي أكثر من الحُكم على الآخرين، ما أنْ يُعارضنا أحدهم، حتى ننبري في تكفيره وسَحب مفاتيح الجنة منه، هذا لأننا وكلاء الله على الأرض، وما أكثر وكلاء الله، الذين يظنون أنّ الله خلقهم منزهين عن الخطأ مُباركة خطواتهم، لا يخطئون ولا يجهلون! حين مات جارُنا الذي كان لا يصلي في المَسجد، اختلف النّاس حوله، قال بعضهم: كافر لا نريد أن نصلي عليه في المسجد، وقال آخرون: كان يعمل في مقهى ليلي وبنى غيرهم على ذلك فقالوا: إذن رُبما كان يحتسي الخمر، فلا نذهب للعزاء. وحين ماتت صديقتي غير المُحجبة، سألني أحدهم لماذا تحزنين عليها، لقد ماتت كافرة! وعندما قرأت خبرًا على مواقع التواصل عن موت  فنان في منطقة ما، رأيت كمية الاختلاف والتي صاحبها الكثير من الشتائم والسباب لمن ترحم على موته. والسؤال الوحيد الذي يدور برأسي، في كل حالة مشابهة، منذ متى ولله وكلاء على الأرض، يمنحون صكوك الغفران للبعض، ويمنعونها عن البَعض الآخر، وكأننا في العصور الوسطى «عصور الظلام» حين كانت الكنيسة تحكم أتباعها، بتخويفهم من التّحكم بمصيرهم، من وافقها منحته صكوك الغفران، وإن طغى وتجبر، ومن خالفها منعته...

حين يكون الفرح سنة

لا شيء يبدع به المواطن العربي أكثر من الحُكم على الآخرين، ما أنْ يُعارضنا أحدهم، حتى ننبري في تكفيره وسَحب مفاتيح الجنة منه، هذا لأننا وكلاء الله على الأرض، وما أكثر وكلاء الله، الذين يظنون أنّ الله خلقهم منزهين عن الخطأ مُباركة خطواتهم، لا يخطئون ولا يجهلون! حين مات جارُنا الذي كان لا يصلي في المَسجد، اختلف النّاس حوله، قال بعضهم: كافر لا نريد أن نصلي عليه في المسجد، وقال آخرون: كان يعمل في مقهى ليلي وبنى غيرهم على ذلك فقالوا: إذن رُبما كان يحتسي الخمر، فلا نذهب للعزاء. وحين ماتت صديقتي غير المُحجبة، سألني أحدهم لماذا تحزنين عليها، لقد ماتت كافرة! وعندما قرأت خبرًا على مواقع التواصل عن موت  فنان في منطقة ما، رأيت كمية الاختلاف والتي صاحبها الكثير من الشتائم والسباب لمن ترحم على موته. والسؤال الوحيد الذي يدور برأسي، في كل حالة مشابهة، منذ متى ولله وكلاء على الأرض، يمنحون صكوك الغفران للبعض، ويمنعونها عن البَعض الآخر، وكأننا في العصور الوسطى «عصور الظلام» حين كانت الكنيسة تحكم أتباعها، بتخويفهم من التّحكم بمصيرهم، من وافقها منحته صكوك الغفران، وإن طغى وتجبر، ومن خالفها منعته...

حين يكون الفرح سنة ؟

اعتادَ البعضُ في كل عيد استدعاء الآلام والأحزان، وكأنّ وقت حدوثها لم يتقدم أو يتأخر قيد أنملة عن موعد العيد، مما حدا بجملة «بأي حال عُدت يا عيد» لأنْ تصبح العبارة الأشهر المرافقة للأعياد، خاصة في ظل ما تُعاني منه الأمة  الإسلامية والعربية، من ويلاتِ حروب وفقد وتشريد! غير أنّ هذا البَعض لم يعِ مفهوم العيد جيدًا، العيد الذي جاءت به الشّريعة بعد عبادتين تَكبّد فيهما المسلم المَشقة والطّاعة،فاستحق العيد، استحق أنّ يُظهر الفرح والانبساط كما أمره الله. ولذا فإظهار السرور في الأعياد طاعة نؤجر عليها، وَكما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «إِظْهَار السُّرُورِ فِي الْأَعْيَادِ مِنْ شِعَارِ الدِّينِ» فتح الباري (2/ 443). وَمن مشاهد الفرح والسرور في العيد في العهد النبوي، ما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل عليه رسول الله عليه السلام فقال دعهما. فلما غفل غمزتهما فخرجتا. وكان يوم عيدٍ يلعب السودان – الحبشة – بالد...

الأم والمعلم وجهان لعملة واحدة !

قديمًا قيل كثيرًا عن إصلاح الأم وإعدادها، فهي التي تصنع جيلًا مثقفًا واعيًا إنْ امتلك أدوات الصّناعة الجيدة، الأم أحد أهم قواعد بناء المجتمع، وكذلك المُعلم! فلا يُمكن لأمّة أنْ تُبنى دون صلاح هذين الطرفين، فنحن بحاجة اليوم لمن يمتلك زمام أمره، من يكون قادرًا على النّهوض بأمة تترنح بين نيران التبعية، وانهزام الذات. لم يَكن دور الأم أقل أهمية من دور المعلم في صناعة الجيل، فهي التي تُربي بَدْءا،هي التي تزرع البذرة الأولى التي تُسقى وتُبنى على يد المعلم، فإذا لم يكن زرع الأم صالحًا، كان سقي المعلم هباءًا منثورًا. ما أكثر التساؤلات التي تدور رحاها في أنفسنا!، حين نتساءل بين أنفسنا وفي ظهرانينا:لماذا نجر عربتنا في ذيل الرّكب، ولم نُسابق الأمم لنكون في المقدمة، بالرغم من أننا أمة علم؟ لم تغرق دولنا ومجتمعاتنا في الحروب والفقر والظلام؟ لماذا – وألف لماذا – تشتعل دواخلنا ولا إجابة؟ لأننا مُذ فقدنا بوصلة الأخلاق، فقدنا على إثرها العِلم القادر على إحداث التطّور والرّفعة. نحن أمّة قرآنها يدعو للتعلم والمعرفة، رسولها حث على العلم، علماؤها الأوائل كانوا اللبنة لكثير من علوم اليوم، ونحن ال...

هل غير وعد ترامب شيئا على الأرض ؟!

أراها تَبكي، تنتحب، تذوب من كَمد، غير أنّها صامدة لا تلين، عظيمة لا تنحني، تقف شامخة لا تُهادن! هي مدينة الله، بوابة السّماء، فُسحة الأمل، العقيدة الثّابتة في كتابنا، الصوت الذي لن ينهزم، هي القدس أراها في سجودها، في محراب ربها، تبثه الألم، تشتكي إليه هجران أهلها، تخاذل قومها، انشغال أمتها عنها. تساؤلات في خلدها تدور، أصحيح أنّها قبلة المسلمين الأولى التي تُشكل حاضرة في أذهان الكثيرين؟! أصحيح أنّهم يعرفون ذلك؟! أصحيح أنّ لها أمّة تعدادها مليار أو يزيد؟! أصحيح أنّ أهلها عجزوا عن صدّ العدوان عنها؟! ألف ألف سؤال يدور في رحى ذاكرتها غير أنّها عاجزة عن استقبال الإجابة، هي تبحث لكنها لم تجدْ، لم تجدْ فوارسها، لم تَجد محررًا جديدًا بعد عمر، بعد صلاح. لم تَجد من يمد يده ليأخذ بيدها، هي وبضعة من ساكنيها، وَحدهم في مواجهة جبروت العالم. اليوم بدا التّاريخ ثقيلًا على صدرها، ثقيلًا على محبيها، وظل مُترنحًا وَقتًا حول أسوارها، وَظلت هي صامتة، لم تنبس شفتاها بكلمة، ظلت ترقب والدّمع بعينها، ظلت تنتظر سماع بيعها لبني صهيون، كيف تقاذفها الأغراب؟! كيف صمت الأعراب؟! كيف أضحت بضاعة مُزجاة؟! كيف بيعت...

رجال الأنفاق

ترى ما الذي يدفع أحدهم ليبيت ليلة تحت الأرض؟! ما الذي يجعله ينسحب من سريره الدافئ كي ينضم إلى كتيبة من الرجال يحفرون في عمق الأرض؟! ترى ما الذي يدور في خلده؟! وما الذي يأخذه كل ليلة لذلك الجانب المظلم من العالم؟! يستحضر الكثير منا إجابات متعددة، ومشاهد متنوعة وقد يستنكر البعض عليه هذا الفعل، فلا شيء يستحق! ولكن، من سلب وطنه، وقيد ولده أو أخاه أو والده، من سرق بيته وحوصرت مدينته، ومنع عنه الهواء والماء والسفر والتنقل، من صودرت حريته، من صار رهين عدوه، كيف له ألا يفعل هذا وأكثر؟! كيف له ألا يحافظ على كرامته؟! كيف لا يقضي ليله ونهاره باحثًا عن وسيلته ينال فيه حريته؟! كيف لا يجد دربًا يقوده لقدسه ومسراه؟! كيف لا يبحث عن ثمن يقدمه لأسراه؟! ربما من الصعب أن يدرك من لا يعيش هذا الظرف، لكنه أبدًا لن يتوانى عن إظهار الإعجاب لشجاعة هؤلاء البواسل، فمهما كان اختلافنا واتفاقنا حول ما يحدث، سيبقى مشهدًا خالدًا في ذاكرتنا على الأقل، أنك لن تأخذ حقك في هذا العالم بلا قوة، وأن عدوك لن يحترمك إلا إذا كنت قويًا، فمشهد الضابط الذي رفع التحية لعمر المختار ما يزال ماثلًا في عقول كل من رآه. إذن رجال ...

رسالتي الأولى إليك !

أي بنيتي، رسالتي الأولى لك. أسعدني يوم رأيتك فيه تكبرين، ولكن تكالبت عليّ الهواجس والظنون، حين رأيت خطواتك تخطو نحو عامها الخامس عشر، صار قلبي يدق بلا توقف، وصرت أراك غزالًا تنتقلين بخطوات جامحة، وصارت حيلتي التي كنت أداريك فيها، وأنت صغيرة لا تنطلي عليك، صرت كبيرة هكذا رأيت ذاتك، ولكنك في عيني لا تزالين صغيرة، صار بيننا حبل يكاد يطول، ومرات قليلة يقصر، صار لك عالمك الخاص، وصرت أنا مجرد مشاهد. مرة أعتب عليك، ومرة أقول مساحة تدور فيها، ومرة أخاف عليك من نسمات هواء تدور حولنا، كلما خرجت لمكان عام، ورأيت فتاة بمثل عمرك، أو أكبر قليلًا، ترتدي ثيابًا لا تليق بها، أو تتصرف تصرفات لا أحبها، خالجني شعور بالخوف، أيمكن أن تكوني هكذا؟! فتاة في الشارع العام تمر من أمامي، ترتدي شالًا وتضع قميصها في البنطال وتثني طيات بنطالها، ثم تعتقد أنها ترتدي حجابًا؟! فأتساءل أيعقل أن تكوني هكذا؟! فتاة أزور والدتها في بيتهم، فأراها تصرخ بصوت عالٍ في وجه والدتها، أو أخوتها، أو ربما صديقاتها، فأقول: أيعقل أن تكوني هكذا؟! فتاة في مثل صفك، شغلتها المسلسلات والأفلام والحكايات الفارغة، وأخذتها من درسها وعلومها...

عندما سقطت المؤسسات الدينية الموهومة

ماذا سَيفعل امرؤ نشأ وترعرع في بساط مؤسسات دينية تستمد وجودها من السّلطة الحاكمة في بلاده، غير أنْ يَصير تابعًا لها مهما كلفه الأمر؟! فبعد أنْ تربى على أيدي مشايخ هذه المؤسسات، وصَقل شخصه وعقله بما يقولونه.. ولم يكلف نفسه عناء البحث والتّدبر والتّفكير.. لم يبقَ له إلا  أنّ يُصبح تابعًا لهذه المؤسسة.. يراها الحق وحده.. لا يجرؤ على انتقادها.. لا يرى الحق في غيرها، بل صار تابعًا مَغمض العينين موثق اليدين لا يفتح عينيه إلا إذا سُمح له، لا يتحدث إلا إذا أعطي الإذن، لا يبحث عن الحق إلا إذا أراد أن يُسكت غيره.. من باب (كلمة حق أراد بها باطل). وَصار عالة على الإسلام.. لا مُعيلا له.. لأنّ أفكاره نتاج مَشوش لخليط آراء صنعها الحاكم لمؤسسته الدينية، كي تظل في عباءته، فلا تخرج عنها، ولا يخرج عنها المواطن البسيط، الذي يستمد ثقافته الدينية من تلك المؤسسات، فيصبح كل من خارج هذه المؤسسات، مُكفر بفعل النّاس، الذين اعتادوا هذه المؤسسات، ورأوا أنّها الصّواب المُطلق. وَساعد الإعلام الموجه هذه المؤسسات التي بدأنا نراها صناعة مخابراتية عربية، لا علاقة للدين بها، ساعد هذه المؤسسات على التغلغل في ا...

أزمة تربية !

قد نَتساءل لم يَؤول الحال ببعض الآباء والأمهات أنْ تأويهم بيوت المُسنين؟ وَنتساءل لم يتطاول بعض الأبناء على آبائهم وأمهاتهم لفظًا وفعلًا؟! وأحيانًا قد نرى بعض تصرفات الأبناء تجري على مرأى الآباء والأمهات، كـتدخين الأبناء أمامهم، عدم الالتزام بالأخلاق، وإطلاق الشتائم، الملابس غير اللائقة، قصة الشّعر الغريبة، كَثيرة هي المظاهر التي نزعت هذه الجيل من دينه وأخلاقيات مُجتمعه، وفي ظل هذه التّصرفات نتساءل أين دور الوالدين؟! لم يتمزق المجتمع وتنحدر الأخلاقيات؟!، لم لا نقف أمام أنفسنا وقفة مسؤولة، لنضع أيدينا على مصدر هذا الجرح النازف؟! فنحن اليوم نُعاني من أزمة تربية، رُبما هي أزمة في كُل مناحي حياتنا، من السياسة للتعليم للصحة وصولا للتربية، وَلربما كانت التربية سُلم أولويات تَصعد على درجاته الأولويات الأخرى، ولا تَستقيم المناحي كُلها إلا باستقامة التّربية، وما دامت التربية غير قويمة أو مَسؤولة ظل المُجتمع يتأرجح بين التقليد الأعمى والفوضى،ولا ضوابط أو قوانين تَحكمه، وكُل ما لا يَحكمه القانون ويُترك لشريعة الغاب يُولد الفوضى والضياع والعَبث، ولذا فالتربية التي لا تستقي قوانينها من منهج واض...

الكتاتيب .. درب الحضارة التي فقدت !

الكَتاتيب، عزيزي القارىء، هل مرّ بك قبل ذلك معرفة بها؟ هل سَمعت عنها؟! هل كان لديك جَدّ حَدثك عنها؟ قد يتساءل أحد هنا أو هناك عنّ جدوى الكتابة عن مثل تلك المؤسسات البَعيد العُمر الغائبة، وَلكن مَذ تلاشت نهضتنا وغابت رفعتنا وشُغلت مدارسنا بِشكل الغُرفة الصّفية، وَشكل الكتاب، وَهيئة المُعلم، مَذ بدأت تبحث عن طرق واستراتيجيات متنوعة لتعليم التّلاميذ، مُذ بدأت تستجدي ما عند الغرب، من وسائل وأساليب وتأخذ به، دون أنْ تُراعى توافقه مع بيئتنا أم لا. ظَهرت صورة الكتاتيب في رأسي جلية واضحة، بدأت تُلح على قلمي كي أكتبها. اليوم أنا هنا لأكتب عن تلك الدّرب التي قادت صغارنا ليصيروا علماء، تلك التي أخذت بأيدي أمتنا لتصبح أفضل أمة علمية في حينها،اليوم نَخونها، فيخوننا التّعليم، يتلعثم، في مدارسنا التي أمعن واضعها في تطاول بنيانها، وَكثرة طُلابها، وتزودها بكثير من وسائل التكنولوجيا، وخلق بيئة تُنادي على الطالب، كي يطلب العلم، بينما هو يُمعن في الهرب، صار يرى أنّ العلم مهزلة، لا يهمه كم يتعلم أو كيف، هم واحد له، هو علامة، قُدست العلامة، صار الطالب رقمًا، الجري خلف هذا الرّقم، هدف الأهل والمد...